بيدري.. مبهر ميسي وجوهرة لا تقدر بثمن

قبل عام تقريبًا، ظهر تقرير في الصحافة الإسبانية يشير إلى أن بيدري لم يعد "غير قابل للمس" في برشلونة.


اضافة اعلان
وعلى الرغم من أن بيع لاعب الوسط لم يكن أمرًا مرجحًا، فإن فكرة أن النادي قد يستمع للعروض المقدمة خلال فترة الانتقالات الصيفية، لم تكن مستبعدة تمامًا.  

أولًا، كانت المشاكل المالية لبرشلونة معروفة للجميع، وكان هناك حديث عن احتمال التضحية برافينيا لموازنة الحسابات.


ثانيًا، والأهم، كانت هناك مخاوف متزايدة بشأن إصابات بيدري المتكررة، حيث تعرض نجم منتخب إسبانيا لإصابة في أوتار الركبة للمرة السادسة في أقل من 3 سنوات.  

لم يكن هناك شك في موهبة بيدري الاستثنائية، لكن عدم قدرته على البقاء لائقًا بدنيًا كان مصدر قلق كبير في كتالونيا.

وكان من المحزن لمحبي كرة القدم أن يروا أحد أكثر اللاعبين موهبة يغيب عن بقية يورو 2024، بسبب إصابة في الركبة، بعد تدخل عنيف من توني كروس.  

ومع ذلك، بعد 8 أشهر من خروجه القسري من مباراة ربع نهائي منتخب بلاده ضد ألمانيا، يمكن القول إن بيدري الآن في أفضل حالاته البدنية والفنية منذ بداية مسيرته.

إبهار ميسي

من الصعب المبالغة في التأثير الذي أحدثه بيدري في برشلونة بعد وصوله في صيف 2020.

فالصفقة التي كلفت النادي 5 ملايين يورو فقط من لاس بالماس (واحدة من أعظم صفقات برشلونة على الإطلاق) ولم يكن من المتوقع أن تمنحه دورًا كبيرًا في موسمه الأول، لكنه أصبح لاعبًا أساسيًا خلال بضعة أشهر فقط.  

فحتى ليونيل ميسي كان مبهورًا بموهبة بيدري، وكانت هناك لحظة رائعة خلال فوز برشلونة 3-0 على ريال بلد الوليد، عندما أصبح الأرجنتيني الهداف التاريخي لنادٍ واحد، لكنه بدلًا من الاحتفال بإنجازه، أشار إلى بيدري، الذي صنع له الهدف بطريقة رائعة بتمريرة بالكعب.  



لعب الثنائي بتناغم مذهل في ذلك الموسم، وكان هناك أمل في أن تؤدي العلاقة الرائعة بينهما داخل الملعب، والتي بدت وكأنها تمثل ماضي برشلونة وحاضره ومستقبله، إلى إقناع ميسي بالبقاء في كتالونيا، لكن الأرجنتيني رحل، تمامًا كما بدأ جسد بيدري ينهار.  

استنزاف
 
تعرض بيدري لاستنزاف بدني هائل في عام 2021، حيث خاض 52 مباراة مع برشلونة، ومثل منتخب إسبانيا في بطولة أوروبا والأولمبياد في نفس الصيف.

كان لا يزال في 18 من عمره، ولم يكن مفاجئًا أن جسده لم يتحمل الضغط الناتج عن لعب هذا الكم الهائل من المباريات على أعلى مستوى.  

غاب بيدري عن معظم موسم 2021-22 بسبب إصابتين منفصلتين - لكنهما مرتبطتان بشكل واضح - في أوتار الركبة، لذلك، لم يكن مفاجئًا رؤيته يبكي عند خروجه مصابًا مرة أخرى خلال مباراة برشلونة ضد أتلتيك بيلباو في 5 مارس/ آذار من العام الماضي.  

في ذلك الوقت، كان هناك خوف حقيقي من أن تطوره قد تضرر بشكل لا يمكن إصلاحه بسبب خوضه 73 مباراة مع برشلونة وإسبانيا في موسم 2020-21، وأنه قد لا يتعافى أبدًا بشكل كامل، تمامًا مثل زميله أنسو فاتي.  

طريق التعافي

لكن برشلونة لم يترك أي تفصيل دون دراسة في محاولته لمساعدة بيدري على التغلب أخيرًا على مشاكله البدنية، وأظهرت نتائج تحليل جيني لعضلاته أجري في الولايات المتحدة، أنه بحاجة إلى تدريبات تقوية يومية.  

استفاد بيدري بشكل كبير أيضًا من العمل مع هانز فليك وفريقه التدريبي، وعلى الرغم من القلق المشروع من أنه قد يواجه صعوبة تحت قيادة مدرب معروف بمطالبه البدنية الشديدة وأسلوبه القائم على الضغط العالي، فإن العكس هو ما حدث.  



وقال بيدري لصحيفة "موندو ديبورتيفو": "أشعر أنني بحالة بدنية أفضل بكثير، وقادر على القيام بأشياء مختلفة. نحن نعمل بجهد أكبر في النادي مقارنة بالسابق، وأعتقد أن المدربين البدنيين الذين انضموا إلينا قدموا لنا فائدة كبيرة".

وواصل "نبذل الكثير من الجهد في التدريبات، وهذا يظهر في المباريات. الفريق لا يتراجع بعد الدقيقة 70 أو 80، بل يحافظ على مستواه البدني".

تأثير فليك

كل الجهود المبذولة تؤتي ثمارها، سواء بالنسبة لبيدري أو لبرشلونة، فاللاعب البالغ من العمر 22 عامًا لم يغب سوى عن مباراة واحدة هذا الموسم، وكان ذلك بسبب المرض فقط.  

ولا يزال بيدري يتمتع بجسم نحيف نسبيًا بالنسبة للاعب وسط حديث، أقرب في الأسلوب إلى سيسك فابريجاس منه إلى يايا توريه، لكنه أثبت أنه أكثر صلابة من أي وقت مضى، فقط كوندي وباو كوبارسي شاركا في عدد مباريات أكثر منه هذا الموسم، بينما لم يبدأ أي لاعب أكثر من رافينيا.

لم نشاهد بيدري على أرض الملعب بهذه الاستمرارية منذ موسم 2020-21، ويمكن القول بكل تأكيد إنه يترك بصمته بقوة.  

مرة أخرى، كان لهانز فليك دوره الحاسم في ذلك، فإلى جانب تحسين اللياقة البدنية للفريق بشكل عام، ساهم أيضًا في تخفيف الأجواء السامة التي سادت النادي بعد الطريقة المستهجنة التي أدار بها خوان لابورتا إقالة تشافي الموسم الماضي.  

وقال بيدري عن فليك في مقابلة مع "موندو ديبورتيفو": "إنه قريب جدًا من اللاعبين، شخص يحب التحدث معنا، إلى جانب جديته، يستمتع أيضًا بالمزاح، فهو ليس دائمًا بنفس الجدية التي يظهر بها". 

وأضاف: "إنه يساعدنا نحن اللاعبين الشباب كثيرًا، فهو دائمًا يتابع احتياجاتنا وهذا أمر نقدّره، وعندما يحين وقت الجدية، يكون جادًا بالفعل، لديه جانب يشبه شخصية القائد الصارم، لكنه رائع جدًا عندما يتحدث مع اللاعبين".  

أفضل لاعب في برشلونة؟  

أجرى فليك تغييرًا تكتيكيًا كبيرًا ساعد أخيرًا في استغلال إمكانيات بيدري بالكامل، فبدلًا من توظيفه في مركز متقدم للاستفادة من دقته في التمرير وفتح دفاعات الخصوم، أصبح الآن يلعب في دور أعمق ضمن ثنائية محورية إلى جانب لاعب ارتكاز كلاسيكي مثل مارك كاسادو أو فرينكي دي يونج.  

الفكرة كانت بسيطة للغاية، بيدري هو أفضل لاعب يمتلك الكرة في برشلونة، فلماذا لا يحصل عليها أكثر؟

هذا التعديل أثبت فاعلية أكبر مما توقعه فليك نفسه، فإلى جانب تسجيله 5 أهداف وصناعته 6 أخرى حتى الآن، أصبح بيدري عنصرًا أساسيًا في كل ما يفعله برشلونة، الرابط المثالي بين الدفاع والهجوم، وربما العنصر الأكثر أهمية في فريق مليء بالنجوم.  



لقد استعاد الكرة أكثر من أي لاعب آخر في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا هذا الموسم (233 مرة)، بينما لم يخلق أي لاعب في برشلونة فرصًا أكثر منه سوى رافينيا (61 فرصة).  

كما أنه صاحب أكبر عدد من التمريرات الناجحة إلى الثلث الهجومي الأخير بين لاعبي برشلونة، ويحتل المركز الثاني في كامب نو من حيث عدد التدخلات الناجحة (45) والثنائيات الرابحة (177)، ويتشارك الصدارة مع كاسادو في عدد الاعتراضات (23 لكل منهما).  

لا أحد يُقارَن به

لذلك، لدى فليك وجهة نظر عندما يقول إن بيدري لا تجب مقارنته بأي لاعب آخر حاليًا، فهو، كما أشار مدرب بايرن ميونخ السابق مرارًا وتكرارًا، لاعب كرة قدم متكامل بشكل استثنائي ويقدم حاليًا أفضل مستوياته قبل استئناف مشوار برشلونة في دوري أبطال أوروبا بمواجهة بنفيكا خارج الديار الأسبوع المقبل.

وقال بيدري لموندو ديبورتيفو: "أشعر بالتحرر، أعتقد أن فليك نقل لي هذه الفكرة أيضًا، أن ألعب دون ضغوط، أن أفعل ما أعرفه، وأنا الآن أشعر براحة أكبر".

وهذا الهدوء والثقة مرتبطان بلا شك بحقيقة أنه أصبح أقوى بدنيًا من أي وقت مضى.  

سيتعين على برشلونة وإسبانيا الاستمرار في إدارة عبء المباريات على بيدري بحذر، خاصة في ظل ازدحام جدول المباريات الدولية المتزايد، لكن من المشجع للغاية أنه قادر على تغطية مساحة هائلة في كل مباراة.  

ببساطة، بعد ما يقرب من 4 سنوات، أصبح بيدري أخيرًا خاليًا من الإصابات، وبدأ يتألق نتيجة لذلك، لديه عقد جديد وحياة جديدة في الملاعب.  

وقال بعد تجديد عقده مع برشلونة حتى عام 2030: "لقد مضى وقت طويل منذ أن استمتعت بكرة القدم بهذا الشكل، أنا في المكان الذي أريد أن أكون فيه أكثر من أي مكان آخر. لدينا فريق شاب جدًا، وفي غضون بضع سنوات سنكون أفضل". 

لذلك، لم يعد بيدري مجرد لاعب "لا يمكن المساس به" في برشلونة مرة أخرى، بل ربما أصبح لا يمكن إيقافه أيضًا