ملاعب - وكالات
كلمات قليلة كانت كفيلة أن تعيد ترتيب كل شيء بالطريقة الصحيحة مجدداً ، وفتحت الأبواب مرة أخرى بعد أن أغلقت منذ بضعة أيام ، تصريحات مثيرة من كيليان مبابي بشأن مستقبله مع باريس سان جيرمان منحت ريال مدريد بعض الأمل وأعادت كل شيء ضمن إطاره الصحي مهنياً ورياضياً .
اهتمام ريال مدريد بالتوقيع مع كيليان مبابي هذا الصيف أمر معروف لدى الجميع ، النادي الملكي يريد استغلال أن اللاعب تبقى سنة واحدة في عقده مع باريس لكي يتعاقد معه على طريقة إدين هازارد وتيبو كورتوا ، لكن كل هذه الآمال تبخرت بعد تصريحات رئيس النادي الباريسي التي حملت الكثير من العدائية للأندية التي تحاول ضم المهاجم الفرنسي ، وقطعت الطريق عليها بشكل كامل.
رئيس باريس أطلق الأسبوع الماضي تصريحاً مثيراً بشأن مبابي عندما قال “ سوف يستمر كيليان مبابي في باريس ، لن نبيعه أبداً ، ولن يرحل أبداً ”، وغرابة هذه الكلمات تكمن في أنها لا تسير وفق قواعد سوق الانتقالات الذي اعتدنا عليه ، وتخالف المنطق تماماً ، لأنها تحسم مستقبل لاعب سيكون حراً بعد 12 شهراً فقط إن قرر عدم تجديد العقد .
الصحافة الإسبانية نشرت العديد من التقارير في الأيام الماضية تتحدث عن استحالة تعاقد ريال مدريد مع مبابي بعد أن أظهر رئيس باريس سان جيرمان أنه مستعد لفعل ما هو معقول وغير معقول لمنع مبابي من الرحيل وإجباره على تجديد العقد بالمغريات المالية التي لا يمكن للنادي الملكي مجاراتها ، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الحالية .
كيليان مبابي خرج لنا بتصريح مميز يتحدث فيه عن مستقبله ، وقال خلاله “ أنا أعلم أن مشروع باريس يختلف بي أو بدوني ، لكنهم يتفهمون طلباتي ، لأنهم يعلمون أنني لن أقوم بأي حركات مخادعة او خائنة ، كونك لاعباً رائعاً يعني أن تعرف كيف تقوم بالأشياء الصحيحة خارج الميدان أيضاً ”.
وتابع “ أنا بحاجة لاتخاذ القرار الصحيح لمستقبلي ، أنا في مكان جيد وأشعر فيه بالسعادة ، ولكن هل هذا هو المكان المناسب لي ؟ ليس لدي هذه الإجابة الآن ”.
ما قاله مبابي ليس مجرد تصريحات للاعب يتحدث عن مستقبله ، فهناك أبعاد أخرى لهذه المسألة ، لأن المهاجم الفرنسي الشاب أراد توجيه رسالة واضحة لرئيس باريس سان جيرمان ، تتضمن أنه هو المتحكم في مستقبله وليس النادي ، فالقرار بيده أن يجدد العقد أو يقرر الانتقال إلى نادٍ آخر سواء سمح له النادي بذلك هذا الصيف ، أو رحل بصفقة حرة في الصيف القادم .
رئيس باريس يتعامل مع مبابي على أنه مجرد شيء من ممتلكاته الشخصية ، على الأقل هذا ما توحيه تصريحاته الأسبوع الماضي اتي لا تبدو أنها تحترم فكرة عقود اللاعبين وما يعنيه سوق الانتقالات الذي هو حق مشروع للجميع من أندية ولاعبين ، لذلك جاءت تصريحات مبابي في الساعات الماضية كرد قوي على ما قاله رئيسه منذ أيام .
مبابي كان قادراً على الإدلاء بتصريح تقليدي بخصوص مستقبله مثل ما يفعل معظم اللاعبين ، كأن يقول مثلاً “ما زال لدي سنة في عقدي مع باريس ، ولا أفكر بالمستقبل لأنني أركز على خوض اليورو مع فرنسا ”. فهذه الكلمات تجنبه الكثير من الكلام في الصحف وتحافظ على علاقته مع جميع الأطراف ، لكن بطل العالم عام 2018 كان له رأي آخر تماماً .
كان من المهم أن يخرج مبابي ويتحدث بكل صراحة أنه لم يحسم مستقبله بعد ، وأن خيار الرحيل وارد ، الأمر لا يتعلق فقط بحلم انتقاله إلى ريال مدريد وحسب ، بل هو انتصار حقيقي لكرة القدم ولفكرة سوق الانتقالات ، هذه الكلمات تهدم فكرة الاحتكار الإجباري في عالم الساحرة المستديرة ، وأي محاولة من أي طرف يستعرض عضلاته المالية ويتحكم في مصير لاعب سينتهي عقده قريباً.
باختصار ، مبابي أراد توجيه رسالتين مهمتين بما قاله ، الأولى موجهة لرئيس باريس سان جيرمان بأنه لن يسمح لأحد أن يتحدث عن مستقبله وكأنه شيء محتوم ، وأنه لا يملك الحق لتحديد مصيره ، أما الرسالة الثانية فهي لفلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد ، وتتمثل في أن خيار رحيله عن باريس ما زال مطروحاً على الطاولة ، وبالتالي يجب أن لا يرفع الراية البيضاء وينسحب من صراع التعاقد معه مبكراً .