ملاعب - وكالات
لم ينجح المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو في تنفيذ وعوده مع باريس سان جيرمان بسبب أسلوب لعب رتيب جداً، وعدم تمتعه بقوة إقناع في خطابه، وبالتالي قررت إدارة النادي التخلي عن خدماته وإسناد المهمة للمدرب المحلي كريستوف غالتييه قادماً من نيس على أمل تحقيق الهدف المنشود بحصد دوري أبطال أوروبا.
ونجح سان جيرمان أخيراً في تسوية ملف المدرب الجديد بعد شهر ونصف تقريباً من الإعلان الصاخب عن تمديد عقد النجم كيليان مبابي، لتكون نقطة البداية لإصلاح شبه كامل للهيكل التنظيمي للنادي.
وظهر غالتييه في مقر النادي الباريسي أمس، حيث تنتظره مهمة جسيمة تتمثل في قيادة الفريق إلى لقب دوري أبطال أوروبا الذي يلهث وراءه سان جيرمان منذ استحواذ صندوق الاستثمارات القطري، وكان بجانبه المستشار الرياضي الجديد للنادي البرتغالي لويس كامبوس الذي تعاقد معه سان جيرمان في منصب المدير الرياضي في 10 يونيو (حزيران) الماضي.
ويعرف الثنائي غالتييه وكامبوس بعضهما البعض جيداً لأنهما عملا معا في نادي ليل، بوضعهما الحجر الأساس للقب المفاجئ للنادي في الدوري في عام 2021، واختار الرئيس القطري للنادي الباريسي ناصر الخليفي واحدا من أكثر المدربين المنتظمين في فرنسا في العقد الماضي، ولكنه دون شك المدرب الأقل خبرة على الساحة الأوروبية في عصر الاستحواذ القطري.
في المقابل بات بوكيتينو سادس مدرب يخسر منصبه خلال الحقبة القطرية مع النادي الباريسي منذ 2011. ولم تكن بداية بوكيتينو الذي وصل في يناير (كانون الثاني) 2021 مع سان جيرمان جيدة على الإطلاق إذ خسر نادي العاصمة لقب الدوري الفرنسي لصالح ليل بقيادة كريستوف غالتييه بالذات، لكن الأرجنتيني عوض ذلك في الموسم التالي وأعاد الفريق إلى منصة التتويج. وبعدما وصل في 2021 إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا حيث خسر أمام مانشستر سيتي الإنجليزي 1 - 2 ذهاباً وصفر - 2 إياباً، انتهى مشوار سان جيرمان في المسابقة القارية الموسم المنصرم عند ثمن النهائي على يد ريال مدريد الإسباني بالفوز 1 - صفر ذهاباً والخسارة 1 - 3 إياباً، رغم تدعيم الفريق بالنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي.
وعلق بوكيتينو على هامش معسكر قصير في الدوحة أخيراً: «الأمور صعبة بالنسبة لناد بحجم باريس سان جيرمان لأن التطلعات عالية جداً. في بعض الأحيان عندما تحرز لقب الدوري المحلي، يبدو الأمر ليس كافياً وبطبيعة الحال ليس كافياً لنا أيضا».
وحظي بوكيتينو باحترام كبير لدى دفاعه لاعباً عن ألوان سان جيرمان بين عامي 2001 و2003 في حقبة النجم البرازيلي المتألق رونالدينيو، لكنه خسر هذا الرصيد وسط الضغوطات التي يعيشها كل مدرب يشرف على تدريب فريق العاصمة الذي أنفق ملايين الدولارات من أجل ضم أفضل اللاعبين في العالم.
وحدها مسابقة دوري أبطال أوروبا كان يمكن أن تنقذه لكنه لم ينجح في بث روح الحماسة في فريق بلغ نهائي دوري الأبطال عام 2020 في عهد سلفه الألماني توماس توخيل، لكنه لم ينجح في موسمين متتاليين، كما لم يقدم سان جيرمان أداء جيداً يتطابق مع تطلعات بوكيتينو باستثناء بعض الومضات من الثلاثي المؤلف من كيليان مبابي والبرازيلي نيمار وميسي واكتفى بإحراز لقب الدوري المحلي للمرة العاشرة معادلا الرقم القياسي المسجل باسم سانت إتيان نهاية الموسم الفائت.
كما أن الإصابات لم تساعد بوكيتينو الذي طالب ببعض الوقت ليضع ليطبق اللاعبون أفكاره، لا سيما إصابة نيمار في كاحله وغيابه عن الملاعب لشهرين ونصف الشهر. ترافق ذلك مع تراجع مستوى ميسي الذي أصيب بفيروس (كوفيد - 19) مطلع العام الحالي أيضاً.
وكشف صانع الألعاب الإيطالي ماركو فيراتي الصعوبات التي واجهها الفريق مدافعاً عن مدربه بقوله: «في القسم الأول من الموسم، لم يكن لدينا الوقت للقيام بالتدريبات. المدرب المسكين لم يكن باستطاعته القيام بتدريب تكتيكي. صراحة، كنا نتدرب ونحن نخوض المباريات».
ويُعتبر بوكيتينو مقرباً من اللاعبين ونادراً ما ينتقدهم أمام الرأي العام، لكنه خرج عن صمته بعد الهزيمة المذلة أمام موناكو صفر - 3 والتي جاءت مباشرة بعد الخروج القاري أمام ريال مدريد، واصفاً ما حصل بـ«العار».
وإذا كان بوكيتينو انتقد التحكيم خلال المباراة ضد ريال مدريد عندما تقدم فريقه إيابا في العاصمة الإسبانية 1 - صفر قبل أن يتلقى ثلاثة أهداف في غضون 17 دقيقة خلال الشوط الثاني، فقد جنب اللاعبين المسؤولية رغم أن حارس مرماه الإيطالي جانلويجي دوناروما ارتكب خطأ تسبب بالهدف الأول للفرنسي كريم بنزيمة، وخاض قلب دفاعه وقائده البرازيلي ماركينيوس أسوأ مباراة له بقميص سان جيرمان على مدى 9 سنوات، في حين لم يظهر نيمار وميسي بمستواهما.
لم يتمكن بوكيتينو من نقل عدوى اللعب الجميل لفريقه السابق توتنهام الذي خسر نهائي دوري الأبطال أمام ليفربول صفر - 2 إلى سان جيرمان، وستبقى صورته في فرنسا على أنه متردد في خياراته، ويستعمل اللغة الخشبية في مؤتمراته الصحافية.
وبعد الإسباني أوناي إيمري وتوخيل، بات بوكيتينو ثالث مدرب توالياً لا يمكث أكثر من ثلاث سنوات على رأس الجهاز الفني لسان جيرمان. وإذا كان بوكيتينو لم يكن على قدر التطلعات، فإن باريس سان جيرمان لا يمهل مدربيه طويلا أيضاً.
وخطف سان جيرمان المدرب غالتييه من نيس، بعد موسم واحد ناجح، ولكن ليس استثنائياً، قاد فيه فريقه إلى المباراة النهائية لمسابقة كأس فرنسا حيث خسر أمام نانت (صفر - 1)، وإلى المركز الخامس في الدوري وبالتالي المشاركة في مسابقة كونفرنس ليغ.
وكانت المفاوضات صعبة حيث كان من الضروري في البداية إيجاد اتفاق مالي مع نادي نيس الذي كان متردداً في التخلي عن مدربه، ثم التفاوض على رحيل بوكيتينو وجهازه الفني الذين تبقت سنة واحدة على عقودهم، وهو ما جعل سان جيرمان يتأخر في الإعلان عن تغييرات الأجهزة الفنية.
وسيصبح غالتييه ثالث فرنسي في الحقبة القطرية بعد أنطوان كومبواريه الذي أقيل بسرعة عام 2011، ولوران بلان.(2014 - 2016).