ملاعب -جاءت رياح الظروف بما لا يشتهي ريال مدريد، حتى الآن، بخصوص صفقة ضم كيليان مبابي، قائد فرنسا، في الصيف الماضي.
اضافة اعلانفجماهير الميرنجي كانت تعلق آمالا عريضة على الصفقة المنتظرة، من أجل قيادة هجوم الملكي لحصد الأخضر واليابس في الموسم الحالي، خاصة وأن الفريق توج العام الماضي بدوري الأبطال والليجا.
بداية مبابي مع الريال جاءت مبشرة، بتسجيله لهدف في مباراته الأولى ضد أتالانتا في السوبر الأوروبي، الذي توج به الملكي، ما زاد من تفاؤل الجماهير البيضاء.
لكن بعد ذلك سرعان ما تراجع مردود اللاعب، متأثرا بعديد العوامل، هناك قاسم مشترك يجمع معظمها، هو "الوقت غير المناسب".
تدهور عام
يعيش ريال مدريد هذا الموسم، تدهورا في المستوى على كل الأصعدة، ما أثر بالطبع على مبابي، الذي يرسم أولى خطواته مع الفريق الملكي.
ويعاني الميرنجي نقصا كبيرا في لاعبي الخط الخلفي، في ظل إصابة كل من إيدير ميليتاو وداني كارفاخال ولوكاس فاسكيز ودافيد ألابا، ما جعل دفاع الملكي مستباحا.
خط الوسط ليس أفضل حالا، في ظل اعتزال توني كروس رمانة الميزان للجيل التاريخي، وتقدم سن لوكا مودريتش، وعدم قدرة الأسماء المتواجدة حاليا على القيام بأدوار هذا الثنائي الأسطوري.
وبمقارنة أداء كروس بخليفته في هذا المركز أوريلين تشواميني، يتضح أن الفرنسي فشل في القيام بأدوار الألماني بشكل واضح، خاصة في الخروج بالكرة ونقلها إلى نصف ملعب الخصوم، ما أثر على إمكانية خلق الفرص.
أما جود بيلينجهام، الذي توهج الموسم الماضي في مركز 10 وخلف المهاجم الصريح، فقد تغيرت مهامه ليلعب كرقم 8 "ارتكاز مساند"، ويصبح ظلا لنسخته الهجومية الممتازة التي نال بها جائزة أفضل لاعب في النسخة المنصرمة من الليجا.
إضافة إلى ذلك، فإن كارلو أنشيلوتي المدير الفني للريال، أظهر ترهلا فنيا واضحا، في الموسم الحالي، في عديد المباريات الحاسمة، وأهمها الكلاسيكو (خسر الريال 0-4)، وميلان (انهزم الأبيض 1-3 على ميدانه).
هذه الحالة الفنية المهترئة، أثرت كثيرا على مبابي، وساهمت في عدم ظهوره بمستوياته المعروفة قبل قدومه إلى ريال مدريد.
ولو كان مبابي انضم للملكي في توقيت مناسب أكثر، منذ عامين على سبيل المثال، لربما استطاع خلق إضافة مذهلة، في ظل حالة الفريق الجيدة وقتها.
توظيف كريه
سبق وأن اشتكى مبابي مرارا وتكرارا خلال حقبته مع باريس سان جيرمان، من توظيفه بمركز المهاجم الصريح في بعض الأحيان.
فالنجم الفرنسي يمتاز بسرعته الخارقة، وقدرته على استثمار المساحات على الجناح، خاصة حينما يتسلم الكرة ووجهه للمرمى.
وفقد مبابي الكثير من هذه المزايا، باللعب كرقم 9، حيث بات مطالبا أكثر باستلام الكرة وظهره للمرمى، في مواقف ليست مريحة بالنسبة له.
وبدا جليا أن اللاعب الفرنسي يفتقر لعديد من واجبات هذا المكان، أهمها التمركز في العمق، والقدرة على ضرب مصيدة التسلل.
وتظهر الأرقام، أن مبابي يواجه صعوبة كبيرة في تسجيل الأهداف من العمق، فقد أطلق 55 تسديدة في كافة المسابقات - حتى نهاية مباراة ميلان- سجل خلالها 8 أهداف فقط.
وأرسل قائد فرنسا 20 تسديدة في دوري أبطال أوروبا، وسجل هدفا وحيدا كان ضد شتوتجارت، ومنذ ذلك الحين، لم يجد طريقه للشباك مرة أخرى.
توهج فينيسيوس
اعتاد مبابي أن يصبح نجم الشباك الأول في تجاربه السابقة سواء على مستوى الأندية أو المنتخب الفرنسي.
لكن النجم الموهوب اصطدم بواقع توهج البرازيلي فينيسيوس جونيور، الذي قدم الموسم الماضي مستويات كبيرة، ويواصل هذا الموسم التألق على الصعيد الفردي، ما شكل ضغطا كبيرا على مبابي.
ويزداد هذا الضغط في ظل أن فينيسيوس يشغل مركز الجناح الأيسر، الذي يفضله مبابي، ما يجعل من إمكانية لعب الفرنسي في مساحته المفضلة، أمرا صعبا.
وبمقارنة أرقام الثنائي هذا الموسم، فإن فينيسيوس جونيور حتى الآن شارك في 17 مباراة بمختلف المسابقات، نجح خلالها في تسجيل 12 هدفا وصنع 7 أخرى بمجموع مساهمات 19 هدفا.
أما مبابي فقد لعب 16 مباراة، سجل خلالها 8 أهداف وصنع اثنين، بمجموع مساهمات 10 أهداف.
وربما لو كان مبابي اختار التوقيت المناسب وانضم إلى الريال في 2022 بدلا من التجديد لباريس، لتغلب على هذه المعضلة.
ففينيسيوس وقتها لم يكن بهذا اللمعان، في حين كان مبابي يقدم مستويات مذهلة رفقة منتخب فرنسا، ومن المرجح وقتها أنه كان سيشغل مركز الجناح الأيسر بأريحية، مع إمكانية تغيير موقع البرازيلي، الذي يبدو في الوقت الحالي غير قابل للمس.
أزمة خارج الملعب
انهار مستوى مبابي بعد التقارير التي انتشرت حول رحلته إلى ستوكهولم في السويد وقضاء بعض الوقت في ملهى ليلي.
وكشفت تقارير في وسائل الإعلام السويدية أن مبابي وأصدقاءه زاروا مطعما وملهى ليليا، وبمجرد مغادرة المجموعة، توجهت امرأة إلى الشرطة السويدية لتزعم أنها كانت ضحية اغتصاب.
وكانت صحيفة "أفتونبلاديت" السويدية أول وسيلة إعلامية تكشف عن فتح تحقيق في قضية اغتصاب، وقد انتقد مبابي التقرير ووصفه بأنه "أخبار كاذبة" على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به، وزعم أن هناك صلة بين الاتهامات ونزاعه المالي مع ناديه السابق باريس سان جرمان.
وقال مبابي على موقع "إكس": "كان الأمر متوقعا للغاية، لأنه جاء عشية جلسة الاستماع، كما لو كان ذلك عن طريق الصدفة".
وأكد المدعي العام السويدي أنه تم فتح تحقيق، دون تسمية مبابي.
وفي حديثها لوسائل الإعلام الفرنسية، أصرت محامية مبابي كانو برنار، على أن مبابي "مرتاح" لأنه "لم يرتكب أي خطأ".
وقالت كانو برنار إن مبابي "طلب من مكتبي عدم ترك الأمور كما هي لأنه من المستحيل السماح بالتشهير بهذه الطريقة، ولهذا السبب سنقدم شكوى بتهمة التشهير".
هذه الأزمة التي تمس السمعة، ساهمت أيضا بشكل كبير في تراجع مستوى مبابي، واقتطعت جزءا كبيرا من تركيزه.
استبعاد
استمرت مشاكل مبابي باستبعاده من جانب ديدييه ديشامب المدير الفني لمنتخب فرنسا.
ولم يفسر ديشامب، حتى الآن، قراره باستبعاد نجم ريال مدريد، من قائمة الديوك للشهر الثاني على التوالي.
وبسؤاله هل استبعاد مبابي أفضل للاعب أم للمنتخب، ليرد ديشامب باقتضاب "الأفضل هذه الطريقة، وأعلم أن هذه الإجابة ليست كافية بالنسبة لكم".
وضع حرج
استعاد ريال مدريد توازنه بعد مجموعة من النتائج السلبية الأخيرة، بالفوز برباعية على أوساسونا في الليجا.
المباراة شهدت تألق فينيسيوس بتسجيل هاتريك، وعودة بيلينجهام لزيارة الشباك، في حين لم يظهر مبابي الكثير من اللمحات، وعجز عن هز الشباك.
وحال استمر هذا الوضع، سيكون النجم الفرنسي في أزمة حقيقية مع جماهير ريال مدريد، كلمة السر بها، هي "التوقيت غير المناسب".