ملاعب - يمثل الصراع التاريخي جزءا كبيرا من أسباب شعبية الكلاسيكو الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة، خاصة فيما يتعلق بكواليس تلك المواجهة التي أقيمت في ملعب "شامارتين" قبل 80 سنة.
وقبل مواجهة نصف نهائي كأس ملك إسبانيا المقرر لها الخميس 2 مارس/آذار 2023 بين ريال مدريد وبرشلونة، تظهر في الآفاق مواجهة تاريخية أقيمت في هذا الدور بين الفريقين قبل 8 عقود من الزمن.
ويستضيف ريال مدريد (الخميس) بملعب سانتياجو بيرنابيو نظيره برشلونة في ذهاب نصف النهائي، على أن يلعب الإياب في ملعب "سبوتيفاي كامب نو" في الخامس من شهر أبريل/ نيسان المقبل.
قصة فوز ريال مدريد 11-1 على برشلونة
يقول التاريخ إن ريال مدريد حقق أكبر فوز في تاريخ مباريات الكلاسيكو في نصف نهائي كأس الملك بنتيجة 11-1 على البارسا، وذلك يوم 13 يونيو/ حزيران 1943.
المباراة كانت في إياب نصف نهائي كأس الجنرال، وهو ما يُعرف حالياً بكأس الملك، والجنرال هو طاغية إسبانيا الشهير فرانكو، علماً بأن برشلونة كان فائزاً بثلاثية نظيفة في مباراة الذهاب ومن ثم كان المرشح الأبرز للعبور إلى النهائي.
بعد فوز برشلونة بملعب "لي كورتس"، معقله القديم، هاجم الإعلام المدريدي عنف جمهور البارسا، وخلق أجواء من العدائية بينه وبين جماهير غريمه.
ومنعت جماهير برشلونة من السفر لدعم فريقها في لقاء الإياب بسبب هجومها على العاصمة مدريد في المباراة الأولى، واتهامها بتبني تكتيكات عنف.
وقبل مباراة الإياب، وفي أثناء خروج لاعبي برشلونة من فندق الإقامة إلى الملعب، ألقيت عليهم الحجارة، وهي واقعة علق عليها ماريانو جونزالفو لاعب البارسا السابق، قائلاً: "قبل 5 دقائق من انطلاق المباراة كانت منطقة جزائنا مليئة بكمية من العملات المعدنية التي ألقيت علينا".
لا يمكن إغفال تأثير الحرب الأهلية التي كانت قائمة في تلك الفترة ورغبة كتالونيا في الانفصال عن العاصمة وتأثيرات ذلك كله على المباراة.
مدير الأمن في إسبانيا خلال تلك الفترة زار غرفة خلع ملابس برشلونة قبل اللقاء ووجه إلى اللاعبين تهديدا ضمنيا مذكرا إياهم بكرم الجمهورية في ترك كتالونيا جزءاً منها، مما جعل اللاعبين يخشون على حياتهم، بينما كان حارس مرمى البارسا يقف أمام جماهير لا تتوقف عن إلقاء ما يحلو لها عليه، في مشهد انتهى بغزو الملعب.
تعرض بينيو جارسيا من برشلونة للطرد رغم ارتكابه خطأ عاديا، مما جعل لاعب البارسا أنخيل مور يعلق ساخراً في حديث جانبي مع خوسيه كورونا لاعب ريال مدريد: "انطلقوا، سجلوا كم الأهداف الذي يروق لكم".
الغريب أن هذا ما حدث بالفعل، حيث سجل ريال مدريد الأهداف من الثالث للثامن في الدقائق 31 و35 و37 و39 و43 و44، وهي ستة أهداف أتبعت ثنائية جاءت في نصف الساعة الأول، أما الأكثر غرابة فهو إلغاء هدفين للأبيض في نفس الشوط بداعي التسلل.
حكم المباراة كيليستينو رودريجيز كانت له قرارات غريبة في بداية اللقاء، مما أدى إلى انتهاء الشوط الأول 8-0 لفريق العاصمة.
تعليقات نجوم برشلونة بعد المباراة أظهرت حالة الرعب التي عاشوها أثناء اللقاء، حيث تحدث فيرناندو أرجيلا، حارس المرمى، عن أحداث تلك المواجهة المثيرة للجدل بالقول: "لم تكن هناك منافسة، على الأقل في تلك المباراة".
الغريب أن ريال مدريد خسر المباراة النهائية فيما بعد ضد أتلتيك بلباو، 0-1 بعد وقت إضافي، بينما استقال بينيرو كيرالت، رئيس برشلونة، والذي كان معيناً من قبل الجنرال فرانكو، بعد الإطاحة بسلفه الذي كان ضد النظام، لكنه رغم ذلك فضل الرحيل بعد وقت قصير من تلك المواجهة بسبب شعوره بالعار.
الصحفي الموالي لنظام فرانكو، أنطونيو سامارانش، لم يسمح له بالكتابة لعشر سنوات بعدما انتقد سلوك الجمهور والظلم الحادث في النتيجة، ثم بعد عدة أشهر وجه سانتياجو بيرنابيو رئيس الريال اعتذاراته عما حدث في تلك الليلة.
تلك المواجهة كانت ترجمة لمقولة الجنرال فرانكو الشهيرة: "نظامنا مبني على الخراب والدماء وليس الانتخابات المنافقة".
وكان فرانكو، زعيم الفاشية في إسبانيا، إبان فترة الحرب الأهلية قد ولى نفسه حاكماً على البلاد في عام 1939، بعد الإطاحة بالحكومة اليسارية المنتخبة ديمقراطياً وهزيمة الجمهوريين.
وقد تسببت تلك المواجهة في ميلاد ما يدعى حالياً بالكلاسيكو، حيث اعتبر ما بعد هذا اللقاء هو صراع على الأفضلية بين مدريد وكتالونيا لم يتوقف حتى الآن، لكنه زاد على الصعيد الفني والرياضي بعد أن تنحت السياسة.