ملاعب - بعد عقدين من الزمن منذ أن استضافت قارة آسيا كأس العالم لكرة القدم لأول مرة في تاريخها، سوف تتجه أنظار العالم إلى القارة مرة أخرى بعد أربعة أشهر حيث تستضيف قطر نسخة 2022، وفي هذا السياق يُسلط الموقع الإلكتروني في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الضوء على استضافة كوريا الجنوبية واليابان لنسخة 2002.
مع تأهل البلدين المُضيفين تلقائياً، سنحت الفرصة للاتحاد الآسيوي لتعزيز سجله السابق بأربعة منتخبات مشاركة في مونديال فرنسا 1998، حيث حجزت السعودية والصين بطاقتي التأهل المباشرتين للانضمام إلى المُضيفين، لكن لم يقف الأمر هند هذا الحد.
فقد اغلبت إيران على نظيرتها الإمارات في الملحق الآسيوي من التصفيات لتصل إلى الملحق العالمي حيث واجهت أيرلندا. تركت أهداف إيان هارت وروبي كين في دبلن فريق المدرب ميروسلاف بلاسيفيتش أمام مهمة صعبة للغاية في مباراة الإياب في ستاد آزادي بعد خمسة أيام، ولم يكن الهدف المتأخر عن طريق مدرب بيرسيبوليس الحالي يحيى غول محمدي كافياً لقلب الأمور، ليفشل المنتخب الإيراني في الانضمام إلى رباعي قارة آسيا في كأس العالم الأولى في القارة.
كوريا الجنوبية
كانت كأس عالم خيالية ومثيرة كوُنها تقام لأول باستضافة بلدين. في الواقع، حقق محاربو التايغوك أقصى استفادة من ميزة اللعب على أرضهم وبين جماهيرهم، حيث ذهبوا إلى حيث لم يذهب أي منتخب آسيوي على الإطلاق.
كانت كوريا الجنوبية حاضرة في كل نسخة من البطولة العالمية منذ مونديال المكسيك 1986، لكنها خرجت من دور المجموعات في كل من محاولاتها الخمس قبل نسخة 2002، بما في ذلك أول ظهور لها في سويسرا 1954.
كل ذلك كان على وشك أن يتغير مع رمية التماس التي تم تنفيذها بسرعة، حيث أرسل لي إيول-يونغ تمريرة عرضية لهوانغ سون-هونغ الذي أحرز هدفه الافتتاحي في بوسان خلال المباراة أمام بولندا. ثم عزز يو سانغ-تشول تقدم الكوريين حيث ضمنوا النقاط الثلاث، وتم تحديد النغمة لبقية البطولة.
ظهرت لحظة وجيزة من الشك في دايغو عندما وضع كلينت ماتيس منتخب الولايات المتحدة في المقدمة خلال منتصف الشوط الأول من المباراة الثانية، ولكن مع اقتراب زمن المباراة من الدقائق العشر الأخيرة، كان هناك اسماً سيكون مرادفاً للتألق في هذه البطولة لاحقاً. حيث صعد أهن جونغ-هوان إلى الأعلى ليحول كرة عرضية أخرى من لي ليعادل النتيجة وخطف نقطة ثمينة.
بعد ذلك كانت هناك معركة حاسمة أمام منتخب البرتغال الذي يضم الفائز بجائزة الكرة الذهبية عام 2000 لويس فيغو. سجل بارك جي-سونغ أفضل أهداف منتخب كوريا الجنوبية في كأس العالم، وكان هذا الهدف كفيلاً بتصدر كوريا للمجموعة وبلوغ دور الـ16 لأول مرة في تاريخها.
كانت كوريا الجنوبية تأمل في أن يؤدي تصدرها للمجموعة إلى تفادي إيطاليا بطلة العالم ثلاث مرات، لكن هزيمة الآزوري أمام كرواتيا وتعادلها مع المكسيك جعلتها تحتل المركز الثاني في مجموعتها وتواجه الفريق المُضيف في دور الـ16.
لن ينزعج ذلك فريق المدرب غوس هيدينك حتى بعد أن منع جيانلويجي بوفون اللاعب آهن من تسجيل ضربة جزاء في وقت مبكر، وأحرز كريستيان فييري هدف التقدم عقب تحويله ركنية فرانشيسكو توتي. استمر الأمر هكذا حتى الدقيقة 88، لكن هدف التعادل الكوري جاء عندما استغل سيول كي-هيون خطأ كريستيان بانوتشي ليسدد كرة في الشباك، ويجبر الفريقين على خوض شوطين إضافيين.
مع تطبيق قاعدة الهدف الذهبي، كان آهن المحترف في إيطاليا هو الذي كرر بطولات باك دو-إيك من كوريا الشمالية في شمال شرق إنكلترا قبل 36 عاماً للإطاحة بالإيطاليين. سُمع صدى رأسية آهن عقب تمريرة لي يونغ-بيو من اليسار في جميع أنحاء العالم حيث صنع محاربو التايغوك التاريخ على أرض الوطن.
الكوريون لم ينتهوا بعد، في المهمة التالية كانت إسبانيا صاحبة القوة الأوروبية التي اضطرت إلى الاستغناء عن مهاجمها النجم راؤول الذي غاب عن الملاعب بسبب الإصابة. دافع فريق المدرب هيدينك عن حياتهم، وتمسكوا بالتعادل السلبي لمدة 120 دقيقة مع حراسة المرمى البطولية من لي وون-جاي الذي توّج ليلته الاستثنائية من خلال منع خواكين سانشيز من التسجيل خلال ركلات الترجيح قبل أن يتقدم القائد هونغ ميونغ-بو ويحول ركلته بنجاح والتي ستجعل كوريا الجنوبية أول منتخب آسيوي يصل إلى قبل نهائي كأس العالم.
في قبل النهائي، تقابل المنتخب الكوري مع نظيره الألماني على ستاد سيؤول كأس العالم، وانتهى اللقاء بفوز ألمانيا بهدف مقابل لا شيء، سجله نجم المانشافات مايكل بالاك ويتأهل الألمان إلى نهائي مونديال 2002.
وانتهى مشوار كوريا الجنوبية بخسارة ثانية، حيث ساعد أسرع هدف سجله المهاجم التركي هاكان سكور في البطولة منتخب بلاده على الفوز 3-2 في مباراة تحديد صاحب المركز الثالث، ولكن حتى بعد 20 عاماً، يبقى احتلال المركز الرابع في كأس العالم هو الأفضل على الإطلاق لمنتخبات آسيا.
اليابان
ربما طغى عليهم النجاح المُذهل الذي حققه جيرانهم المضيفين على أرض الملعب، لكن يمكن لليابان أن تنظر إلى الوراء في عام 2002 بشعور من الفخر، وتتذكر تلك النسخة على أنها المرة الأولى التي نجحوا فيها في اجتياز دور المجموعات، حيث قاموا بذلك خلال مشاركتهم الثانية فقط في المونديال.
تماماً مثل جيرانهم، تصدّر منتخب الساموراي الأزرق مجموعته، ومثلهم تماماً، انتهى مشوارهم على أرضهم على يد تركيا، ولكن على عكس كوريا الجنوبية، بدأ اليابانيون مشوارهم متأخرين في النتيجة بعد بعد هدف مارك فيلموتس لاعب المنتخب البلجيكي. ولكن ليس لوقت طويل حيث نجح تاكايوكي سوزوكي في تحقيق هدف التعادل بعد دقيقتين معلناً عن فرحة 55 ألف مشجع في مدرجات ستاد سايتاما. ثم نجح شينجي إيناموتو في تسجل هدف التقدم لفريق المدرب فيليب تروسييه الذي اعتقد أنه الفائز، قبل أن يتم تسجبل هدف التعادل لبلجيكا من خلال كرة بيتر فان دن هايدن ليخطفوا نقطة التعادل.
حظي مشجعو الفريق المحلي في يوكوهاما بأول فوز لليابان في كأس العالم، وكان ذلك بمثابة لمسة من العبقرية من اللاعب أتسوشي ياناغيساوا الذي صنع الهدف لزميله إيناموتو، الهدق الذي كان كافياً للفوز على روسيا 1-0.
مع جمع أربع نقاط، توجه اليابانيون إلى أوساكا مُدركين أن نتيجة إيجابية أمام تونس ستضمن لهم مكاناً في دور الـ16، وقد قدموا أداءً جيدًا. بعد الشوط الأول الذي انتهى بدون أهداف، استفاد هيرواكي موريشيما من خطأ دفاعي لافتتاح التسجيل قبل أن تعزز رأسية نجم الفريق هيديتوشي ناكاتا النتيجة بالهدف الثاني، مما جعل الجماهير اليابانية تشعر بحالة من النشوة، في حين ضرب الساموراي الأزرق موعداً مع تركيا في دور الـ16.
لم يستمر الحلم الياباني لفترة أطول حيث حوّل أوميت دافالا الكرة برأسه داخل الشباك عقب ركلة ركنية بعد 12 دقيقة، وعلى الرغم من الجهود الجبارة التي بذلها ناكاتا ورفاقه، لم يكن هناك مجال للعودة، ليترك الساموراي الأزرق يودع المونديال وهو يشعر بمزيج من الفخر وخيبة الأمل.
الصين
أظهر منتخب التنين الصيني تألقه في التصفيات ليختتم مبارياته في المجموعة الثانية في الصدارة بفارق ثماني نقاط عن صاحب المركز الثاني المنتخب الإماراتي، وحجز مكانه في أول نهائيات كأس العالم بالنسبة له، لكن طبيعة التحدي الذي كان ينتظره أثبت أنه صعباً للفريق الذي يفتقر إلى الخبرة.
بعد أن وجدوا أنفسهم في مجموعة تضم الأبطال في نهاية المطاف وأصحاب الميداليات البرونزية، تم التفوق على فريق المدرب بورا ميلوتينوفيتش في جميع المباريات الثلاث، حيث خسروا المباراة الافتتاحية أمام كوستاريكا 0-2 على الرغم من الصمود لمدة ساعة، ثم تعرضوا للهزيمة الكبيرة أمام البرازيل 0-4، قبل أن يغادروا بالخسارة 0-3 على يد تركيا.
السعودية
على الرغم من ظهورهما في البطولة مرتين سابقاً، أولهما وصولهما إلى دور الـ16 في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1994، لم يكن أداء السعوديين أفضل من الصين، حيث أنهم احتلوا المركز الأخير في المجموعة التي تضمنت لسوء حظهم ألمانيا الوصيفة في نهاية المطاف.
في سابورو، عانت السعودية بقيادة المدرب ناصر الجوهري، من أقصى هزيمة في تاريخها. كانت ثلاثية ميروسلاف كلوزه بداية صعوده ليصبح أفضل هدّافي كأس العالم لكرة القدم على الإطلاق، حيث نجحت ألمانيا في تحقيق الفوز بنتيجة 8-0.
أدت التحسينات الطفيفة والتغييرات التكتيكية إلى الحد من الضرر في المباراتين التاليتين، ولكن تماماً مثل الصين، خرج السعوديون بدون نقاط ولا أهداف، وخسروا أمام الكاميرون 0-1 أمام أيرلندا 0-3.
بشكل عام، شهد مونديال عام 2002 أفضل أداء لآسيا على المسرح العالمي مع مسيرة مميزة لكوريا الجنوبية إلى قبل النهائي، وهي القصة التي يتذكرها العالم من نسخة تاريخية في الشرق الأقصى، وينصب التركيز الآن على ما سيكتبه ممثلو القارة الستة في مونديال قطر 2022.