ملاعب - في الكرة لابد من فائز وخاسر، ولابد من أسباب وعوامل تؤديان الى ذلك ، وعندما نتحدث عن هفوات وأخطاء الخاسر لابد من تقدير قدرات الفائز والعكس صحيح، وهو الذي ينطبق على مواجهة الجزائر مع المغرب في ربع نهائي كأس العرب فيفا 2021 التي لا تزال تسيل الحبر وتثير ردود الفعل في الأوساط الفنية المغربية والجزائرية بسبب حساسيتها والكلام الكثير الذي أثير حولها قبل وبعد موعدها، حيث راح الكثير يرشح المغرب للفوز بسبب الوجه القوي الذي ظهر به في مباريات الدور الأول التي كان فيها متميزا، بينما ذهب البعض الأخر الى التكهن بفوز الجزائر بعد الوجه القوي الذي ظهر به في مباراته الثالثة أمام مصر، وكشف فيها عن شخصيته القوية، لتؤكد مجريات المباراة المتكافئة صعوبة التكهن وقوة المنتخبين التي كان فيه الحسم بركلات الترجيح.
بعيداً عن الشحن النفسي الذي يميز ديربيات الكرة في العالم ، فإن الديربي المغاربي هذه المرة جاء في ظروف سياسية مشحونة بين البلدين، انعكست بالسلب على عناصر المنتخب المغربي المنتشية بتألقها في مباريات الدور الأول، رغم أنها لم تواجه منتخباً قوياً لاختبار قدراتها مثلما حدث مع المنتخب الجزائري الذي كشف في مواجهة مصر عن شخصية قوية، وقدرات هائلة في مواجهة المنتخبات القوية بفضل الروح التي يتحلى بها لاعبوه رغم نقص الانسجام بين لاعبي الفريق الأول وبقية اللاعبين المحليين والذين ينشطون في مختلف الدوريات العربية، مقارنة بمنتخب مغربي منسجم غالبيته من فريق الرجاء، يلعب مع بعضه منذ أكثر من سنتين تحت قيادة نفس المدرب حسين عموتة.
المغرب كان أكبر المرشحين قبل المباراة بعدما حقق ثلاث انتصارات في الدور الأول، وبلغت ثقة لاعبيه المفرطة في أنفسهم درجة الغرور، والاستصغار للمنافس، كما كانت الضغوط النفسية عليهم كبيرة بسبب الشحن المبالغ فيه من طرف الإعلام المغربي، لكن الفريق اكتفى أمام الجزائر برد الفعل بعدما كان يفرض سيطرته في مبارياته السابقة، ليجد نفسه متأخرا في النتيجة مرتين، ومطالب ببذل الجهد للعودة من كرتين ثابتتين، قبل أن يخونه الحظ في ركلات الترجيح ويخرج من بطولة كان فيها المرشح الأول على الورق بعد مباريات الدور الأول، لكن في أول اختبار فعلي سقط وخرج من البطولة أمام منتخب كان أفضل منه في المباراة من كل الجوانب التكتيكية والفنية والنفسية.
المنتخب الجزائري الذي دخل المنافسة بسمعة الفريق الأول بطل إفريقا، خدمته مواجهة مصر في الجولة الثالثة عندما اختبر قدراته وصحح أخطاءه ورفع من نسق لعبه، ما جعله يفرض نسقه على المنتخب المغربي ويكون سباقا للتهديف لأنه كان متحررا من الضغوطات النفسية المفروضة على خصمه، فتفوق في الصراعات الثنائية، وتفوق ذهنياً و حافظ على توازنه رغم غياب الثنائي بونجاح وبلعمري، و الإرهاق الذي عانى منه بعد مواجهة مصر ، لكن مهارات براهيمي وبلايلي صنعت الفارق أثناء اللقاء، وبرودة أعصاب منفذي ركلات الجزاء سمحت لهم بتسجيلها كلها وضمان تأهل مستحق الى نصف نهائي البطولة، ليصبح المرشح الأول للتتويج باللقب بدون ضغوطات.
كل التوقعات تشير إلى أن المنتخب الجزائري سيبدع في مواجهة قطر مع عودة بونجاح وبلعمري، إلا إذا خانته اللياقة البدنية للاعبيه بعد المباراتين القويتين اللتين لعبها أمام مصر والمغرب، وكان المنتخب القطري في أفضل أحواله لأن الفوز أو الخسارة يرتبطان دائما بمعطيات ذاتية وموضوعية مشتركة بين فريقين خاصة إذا كانا متقاربين في المستوى الفردي والجماعي، الفني والبدني، والنفسي والذهني بعيداً عن كل الاعتبارات الخارجة عن نطاق اللعبة، والتي لم تمنع المتعة والاثارة، ولا التحلي بالروح الرياضية التي خرجت منتصرة من مواجهة المغرب ضد الجزائر، التي كانت عربية اللون، لكن عالمية المستوى فاز فيها الأفضل.
بقلم المعلق الجزائري حفيظ الدراجي