يعتبر السقوط أو التعثر من الأمور الواردة في الحياة، وليس في كرة القدم فقط، لكن هناك بعض الجماهير التي لا تقبل هذه الفكرة، نظرا لاعتيادها الدائم على وجود ناديها في القمة، بتحقيق الانتصارات المتتالية، والوقوف على منصات التتويج.
اضافة اعلانلكن لأن التغيير سنة من سنن الحياة، فمن الطبيعي أن تمر بعض الأندية ولاعبوها بفترات صعبة، حتى وإن وصلوا لقمة المجد، وهو ما يتسبب في أزمة لكثير من المشجعين، لرغبتهم الدائمة في تحقيق النجاح، وهو أمر مستحيل.
وبالحديث عن هذا الأمر، نجد أن الهلال وجماهيره، هما المثال الحقيقي لهذه المعادلة الصعبة، بعد فترة التذبذب الواضحة في مسيرة الفريق على المستوى المحلي.
صحوة تاريخية
اعتادت جماهير الهلال تواجد فريقها في المقدمة، وارتفعت الطموحات لأقصى درجة، بعد المستوى المذهل الذي قدمه "الزعيم" خلال الموسم الماضي.
الهلال نجح في تحقيق العديد من الإنجازات بالموسم الماضي التي جعلت جماهيره، لا تقبل فكرة الخسارة أو التعادل على أقل تقدير، بعد أن أصبح "الزعيم" هو الفريق الأكثر تحقيقا للانتصارات المتتالية عبر التاريخ، بواقع 34 فوزا.
فضلا عن التتويج بلقب الدوري السعودي دون أي هزيمة، وبأعلى معدل تهديفي ونقطي خلال موسم واحد بتاريخ المسابقة، بتسجيل 101 هدف، وحصد 96 نقطة، بالإضافة للفوز بالسوبر المحلي وكأس خادم الحرمين الشريفين.
المثير في الأمر، هو تفوق الهلال على جميع الأندية الكبرى، وعدم التعرض سوى لهزيمة واحدة، كانت أمام العين الإماراتي في ذهاب نصف نهائي النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا، والتي تسببت في توقف سلسلة الانتصارات التاريخية.
كذلك، بدأ "الأزرق" الموسم الحالي، بحصد كأس السوبر السعودي على حساب النصر، بالفوز (4-1)، بعدما تمكن من إقصاء أهلي جدة بركلات الترجيح في الدور نصف النهائي.
تلك الصحوة، جعلت البعض يرى بأن تعثر الهلال من الأمور الأشبه بالمستحيل، بسبب ذكاء المدرب البرتغالي جورجي جيسوس، ومجموعة الأسماء اللامعة التي يمتلكها الفريق.
بداية الأزمة
واصل الهلال سلسلته النارية بعدم الهزيمة على المستوى المحلي، بتحقيق 10 انتصارات بين الدوري وكأس السوبر، بالإضافة إلى تعادلين، وهو ما رسخ فكرة استحالة السقوط لدى جماهيره.
لكن الصدمة الكبرى، جاءت بالهزيمة أمام الخليج، بنتيجة (2-3)، في نوفمبر/تشرين ثان الماضي، ضمن الجولة 11 من دوري روشن، لتتوقف سلسلة اللاهزيمة على المستوى المحلي عند 57 مباراة متتالية.
وفشل الهلال في الوصول لرقم أهلي جدة التاريخي المتمثل في عدم الخسارة على مستوى الدوري السعودي في 51 مباراة متتالية بين 2014 و2016، حيث توقفت سلسلة "الأزرق" عند 46 مباراة.
وكانت هذه الخسارة، بمثابة الصدمة لجماهير الهلال التي بدأت في الانتقاد والهجوم على اللاعبين، بسبب عدم تقبل فكرة الهزيمة، بالنظر للإمكانيات التي يمتلكها الفريق، والقدرة الدائمة على تحقيق الانتصارات.
خيانة زرقاء
انخفض رتم الهلال تدريجيا، فيما يتعلق بالمستوى البدني والفني، بالإضافة لظروف الإصابات، ولكن هذه الأمور، لم تشفع لهم أمام الجماهير الغاضبة.
وجاءت الصدمة الكبرى، عندما تلقى الهلال هزيمته الثانية هذا الموسم، بالسقوط أمام القادسية (1-2)، في الجولة 17، وهو ما فجر غضب الجماهير بصورة أكبر.
وبدأت الانتقادات تطارد اللاعبين، بقيادة علي البليهي الذي كان يعاني من الهجوم منذ بداية الموسم، ولكن الأمور وصلت إلى ذروتها، بعد تسببه في هدف فوز القادسية.
واشتعلت الأمور، بدخول البليهي في مشادة مع جيسوس في الغرف المغلقة، قبل أن يتعرض لصافرات استهجان لم تتوقف خلال مواجهة بيرسبوليس الإيراني، بدوري النخبة الآسيوي.
وشعر نجوم الهلال ومدربهم البرتغالي، بالخيانة، بسبب الانتقادات، والهجوم على البليهي تحديدا، حيث طالب جيسوس وسالم الدوسري، الجماهير، بالتوقف عن مثل هذه الأمور، وأكدا أن هذه الأفعال، لا تخرج من أنصار "الزعيم" الحقيقيون.
وخرجت الأمور عن السيطرة، بعد تعادل الهلال في آخر مباراتين في الدوري السعودي، أمام ضمك (2-2) والرياض (1-1)، حيث بدأت الجماهير تطالب برحيل عدة لاعبين، وتعديل بعض الأمور الإدارية.
وشهدت مدرجات ملعب "المملكة آرينا" معقل الهلال، بعد مباراة الرياض، صداما ناريا بين الصربي سيرجي ميلينكوفيتش سافيتش والبرازيلي مالكوم، نجمي الفريق، مع الجماهير، بسبب صافرات الاستهجان، لتصبح الأمور معقدة إلى درجة كبيرة.
وفقد الهلال نقطتين جديدتين في صراع الصدارة، بالتواجد في المركز الثاني، برصيد 48، خلف الاتحاد المتصدر، بفارق 4 نقاط أقل.
مفترق طرق
في مثل هذه المواقف، يجب أن تكون الجماهير هي الداعم الأول للفريق، خاصة بعد الموسم التاريخي الذي قدمه "الأزرق" على كافة الأصعدة، ولكن اعتياد أنصار "الزعيم" التواجد بالمقدمة، جعلهم يرفضون هذه الفكرة، ويرون أن الفريق يحتاج إلى ثورة تصحيح.
لكن يجب على الجماهير أن تفهم صعوبة المرحلة الحالية، حيث لا يتبقى الكثير على نهاية بطولة الدوري في ظل الصراع الشرس مع الاتحاد، ورغبة النصر والقادسية في الانقضاض على الصدارة.
فضلا عن صعوبة المنافسة في الدور ثمن النهائي من دوري النخبة، حيث حجز الهلال تذكر العبور، لكنه سيختتم مشوار المجموعات، بمواجهة الوصل الإماراتي، مساء اليوم الثلاثاء.
وبالتالي، فإن المرحلة الحالية تعتبر بمثابة "مفترق طرق" بالنسبة للهلال، والتي يحتاج خلالها إلى جماهيره من أجل المضي قدما نحو صدارة الدوري، والاستمرار في البطولة الآسيوية، ولكن هذه المعادلة لن تحقق سوى بالدعم.
وحال استمرت العلاقة السيئة بين الجماهير واللاعبين، فإن المتضرر الوحيد، سيكون الهلال، بخسارة حلم التتويج بثنائية الدوري والبطولة الآسيوية.