يبدو أن البرتغالي سيرجيو كونسيساو، المدير الفني لاتحاد جدة، قد درس جيدًا هزيمته الأخيرة ضد الهلال (2-0) في كلاسيكو الدوري السعودي، وتعلم من هذا الدرس ليقود فريقه في حسم كلاسيكو آخر على حساب النصر.
وفاز الاتحاد على النصر بنتيجة 2-1، خلال المباراة التي جمعت بينهما، اليوم الثلاثاء، على ملعب الأول بارك، في الدور ثمن النهائي من بطولة كأس خادم الحرمين الشريفين.
ونجح "العميد" في الانتفاضة من هزيمته الأخيرة أمام الهلال، ليستخدمها في العبور إلى ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، وتحقيق أول فوز محلي تحت قيادة المدرب البرتغالي سيرجيو كونسيساو.
تشكيل النصر
البرتغالي جورجي جيسوس، المدير الفني لفريق النصر، قرر بدء الكلاسيكو بنفس التشكيلة المُعتادة له في جميع مباريات الدوري السعودي، باستثناء إشراك الحارس البرازيلي بينتو على حساب نواف العقيدي.
نواف بوشل لعب كظهير أيمن هذه المرة على حساب سلطان الغنام، فيما لعب أيمن يحيى كظهير أيسر، وبينهما الفرنسي محمد سيماكان والإسباني إينيجو مارتينيز كقلبي دفاع.
ورغم عودة لاعب الوسط الكرواتي مارسيلو بروزوفيتش من الإصابة، لكن جيسوس فضل عدم المجازفة به من البداية، ليُشرك الثنائي عبدالله الخيبري والبرازيلي أنجيلو في وسط الملعب.
وواصل المدرب البرتغالي الاعتماد على مواطنه كريستيانو رونالدو كمهاجم صريح، والآخر جواو فيليكس كصانع ألعاب، وبجوارهما الفرنسي كينجسلي كومان يمينًا، والسنغالي ساديو ماني يسارًا.
تشكيل الاتحاد
أما البرتغالي الآخر سيرجيو كونسيساو، المدير الفني لفريق الاتحاد، فقد أجرى تغييرات واضحة فرديًا وتكتيكيًا على التشكيلة التي خاض بها مباراة الهلال، يوم الجمعة الماضي، في الجولة السادسة من الدوري السعودي، والتي انتهت بالهزيمة 0-2، على ملعب الإنماء.
فرديًا، أعاد كونسيساو حارسه الصربي بريدراج رايكوفيتش إلى المرمى بدلًا من حامد الشنقيطي، بعد الخطأ القاتل الذي سقط فيه الأخير في كلاسيكو الهلال، مع عدم التقيد بعدد معين من الأجانب في بطولة الكأس.
وثبت المدرب البرتغالي الرباعي الخلفي، والذي يضم مواطنه دانيلو بيريرا وسعد الموسى في قلب الدفاع، وأحمد الجليدان يمينًا، والألباني ماريو ميتاي يسارًا.
وبدلًا من البدء بطريقة 4-4-2 دياموند التي تتحول إلى 4-3-3، اعتمد كونسيساو على طريقة 4-3-3 صريحة، بإعادة الجزائري حسام عوار إلى وسط الملعب، بجوار الفرنسي نجولو كانتي والبرازيلي فابينيو، مع استبعاد المالي مامادو دومبيا.
أما المفاجأة الأكبر، فجاءت في الخط الأمامي، حيث أشرك كونسيساو مواطنه روجر فيرنانديز بشكل أساسي، بل ونقل الفرنسي موسى ديابي للعب كجناح أيسر، ليلعب هو كجناح أيمن، بجوار المهاجم الفرنسي كريم بنزيما.
داء الهلال دواء النصر
منذ الدقيقة الأولى، بدا واضحًا سبب إشراك روجر فيرنانديز من قبل كونسيساو، بدلًا من إعادة الجناح الهولندي ستيفن بيرجوين، وهو أنه قرر تغيير الاستراتيجية التي اعتمد عليها في كلاسيكو الهلال.
ضد الهلال، كان الاتحاد هو صاحب الفعل، فضغط بشكل مرتفع منذ بداية المباراة، فيما اكتفى "الزعيم" بالركون للخلف وترك الاستحواذ واللعب على الهجمات المرتدة، وهو ما قرر كونسيساو استنساخه ضد النصر.
تميز روجر فيرنانديز بعودته الدائمة للخلف، حتى إنه يتحول إلى ظهير أيمن في الحالة الدفاعية، من أجل مساندة أحمد الجليدان وإيقاف خطورة ساديو ماني الذي يسجل دومًا ضد الاتحاد، خصوصًا في ظل وجود أيمن يحيى خلفه كظهير أيسر، وهو اللاعب صاحب النزعة الهجومية الواضحة.
في المقابل، ثبت كونسيساو الجناح الآخر موسى ديابي، بجوار كريم بنزيما، ومن خلفهما حسام عوار، من أجل ممارسة الضغط على دفاع النصر، وعدم منحه الفرصة على الخروج بالكرة بأريحية،وكذلك من أجل استغلال الهجمات المرتدة على الوجه الأمثل.
وكانت هذه هي الطريقة التي اعتمد عليها الإيطالي سيموني إنزاجي، المدير الفني لفريق الهلال، في كلاسيكو الاتحاد، كان يمنح الجناح البرازيلي مالكوم تعليمات دفاعية صارمة، لمساعدة حمد اليامي ثم متعب الحربي في الجبهة اليمنى، مع تثبيت داروين نونيز وماركوس ليوناردو لاستغلال المرتدات.
وبالفعل، كانت هذه هي الطريقة التي سجل بها الاتحاد هدفيه الأول والثاني ضد النصر، والتي كان من الممكن أن يسجل بها أكثر من هدف آخر، لولا سوء استغلال لاعبيه للمسة الأخيرة وقبل الأخيرة.
مصيدة برشلونة
ما ساعد الاتحاد على الاستفادة من طريقة لعبه، تلك الطريقة التي اعتمد عليها النصر في الكلاسيكو على المستوى الدفاعي، والتي بدت مشابهة بشكل كبير لطريقة المدرب الألماني هانز فليك مع برشلونة.
ولجأ جيسوس إلى طريقة دفاعية غريبة، اعتمدت على تقديم خط الدفاع للأمام بشكل مبالغ فيه، حتى إنه وصل إلى نصف الملعب في بعض اللقطات.
لكن في المقابل، لم يضغط لاعبو النصر على دفاعات ووسط الاتحاد بالشكل الكافي، في ظل عدم قيام الرباعي الأمامي بالضغط، وكذلك أنجيلو، ليكون عبدالله الخيبري مسؤولًا وحده عن هذا الأمر في مساحة شاسعة من الملعب.
وكانت النتيجة أن لاعبي الاتحاد وجدوا الأريحية التامة في تمرير الكرات الأمامية لمهاجميهم في المساحات الواسعة خلف دفاعات النصر، لتشكل كل تمريرة أمامية خطورة محققة على مرمى الحارس بينتو.
ما زاد من دقة ذلك، جودة حسام عوار الذي قدم واحدة من أفضل مبارياته مع الهلال، سواءً على مستوى التحرك بين خطي الدفاع والوسط، أو صناعة الفرص الخطيرة لزملائه، أو حتى في التحرك بنفسه خلف دفاعات النصر.
ليس رونالدو مدريد
هجوميًا، فاجأ جيسوس الجميع بمنح رونالدو تعليمات باللعب كجناح أيسر عند امتلاك الكرة هجوميًا، مع دخول ساديو ماني بدلًا منه إلى القلب بجوار جواو فيليكس.
هذه الطريقة كانت مناسبة للنجم البرتغالي في شبابه، عندما كان لاعبًا في ريال مدريد، حيث كان قادرًا على المراوغة، ثم التحرك للداخل لتشكيل كثافة عددية داخل منطقة الجزاء، واستغلال الكرات العرضية من الجهة الأخرى.
غير أن الفارق أن هذا ليس هو رونالدو ريال مدريد، فاللاعب البرتغالي لم يعد قادرًا على المراوغة كما كان في الماضي، وفشل في ذلك في أكثر من مناسبة، ما تسبب في فقدان فريقه للكرة أكثر من مرة.
بالإضافة إلى ذلك، لم يقم كومان أو الظهير نواف بوشل بإرسال أي كرات عرضية من الجهة اليمنى، حتى ينجح رونالدو في الدخول إلى قلب الملعب بشكل مفاجئ واستغلالها من خلف الجليدان.
وكانت النتيجة هي ابتعاد كريستيانو رونالدو عن مكان خطورته الأولى في منطقة الجزاء، دون أن يقدم أي إضافة على الجبهة اليسرى، بل على العكس، كان أحد نقاط الضعف.
وبسبب ذلك كله، فشل النصر في الوصول إلى مرمى الاتحاد طوال الشوط الأول، إلا من خلال خطأ فردي لفابينيو، عندما خرج في هجمة مرتدة بشكل مبالغ فيه، تاركًا منطقته في وسط الملعب، ليستغل أنجيلو ذلك ويسجل الهدف الأول من مرتدة عكسية.
الكل في الكل
لكن نقطة التحول جاءت مع بداية الشوط الثاني، عندما تعرض أحمد الجليدان، الظهير الأيمن لفريق الاتحاد، للطرد.
عند تلك النقطة، قرر جيسوس اللعب بسياسة الكل في الكل هجوميًا، فأعاد رونالدو لقلب الهجوم ليلعب بجوار ساديو ماني كثنائي هجومي صريح، مع إشراك ويسلي كجناح أيسر على حساب جواو فيليكس.
كما أخرج المدرب البرتغالي، عبد الله الخيبري لاعبه الوحيد صاحب الميول الدفاعية في وسط الملعب، وأشرك بدلًا منه بروزوفيتش العائد من الإصابة، كما أعاد نواف بوشل للجبهة اليسرى، مع الدفع باللاعب سلطان الغنام في الجبهة اليمنى.
تراجع اتحادي
في المقابل، تأخر كونسيساو كثيرًا في تعويض طرد الجليدان، حيث اكتفى بنقل سعد الموسى إلى مركز الظهير الأيمن، وإعادة فابينيو إلى قلب الدفاع بدلًا منه.
وفي الحالة الدفاعية، كان روجر فيرنانديز يعود كظهير أيمن، ويدخل سعد الموسى للقلب، ليشكل مع فابينيو ودانيلو خطًا دفاعيًا ثلاثيًا.
ورغم أن هذه الطريقة جعلت الفريق أقل في وسط الملعب من حيث العدد، لكن كونسيساو كان يعتمد على نجولو كانتي، وقدرته على تغطية مساحات شاسعة، لتعويض هذا النقص.
وأراد المدرب البرتغالي أن يُبقي عناصره الهجومية ذات السرعة العالية في الملعب، ولو بأدوار دفاعية، من أجل استغلال أي كرات مرتدة قد يتمكن من خلالها من تسجيل الهدف الثالث وقتل المباراة، في ظل اندفاع النصر.
ودل على ذلك أن تغيير كونسيساو الأول جاء بإقحام الهولندي ستيفن بيرجوين بدلًا من بنزيما، لاستغلال سرعته في الهجمات المرتدة، وكاد بالفعل أن يسجل منها في أول هجمة بعد اشتراكه.
ولم يدفع كونسيساو بظهير أيمن صريح لتعويض طرد الجليدان سوى في الدقيقة 83، عندما أشرك مهند الشنقيطي بدلًا من روجر فيرنانديز، ليتحول للعب بـ5 مدافعين بشكل صريح في آخر الدقائق، وينجح في الخروج بنتيجة المباراة.